إطلاق السعودية لـ«علام»، أول نموذج لغوي ضخم باللغة العربية، يمثل خطوة مهمة نحو تطوير ذكاء اصطناعي محلي يلبي احتياجات العالم العربي. تعكس هذه المبادرة طموح المملكة في ابتكار تقنيات تفهم اللغة والثقافة الإقليمية، بدلاً من الاعتماد فقط على الحلول المستوردة.
يؤكد الخبراء أن إطلاق «علام» ليس إلا البداية. فالنجاح الحقيقي للذكاء الاصطناعي العربي يعتمد على بناء أسس قوية—بيانات محلية عالية الجودة، وبنية تحتية آمنة، وأنظمة حوكمة تعكس القيم الإقليمية. ووفقاً لديفيد باربر، مدير مركز الذكاء الاصطناعي بجامعة UCL وعالم متميز في UiPath، فإن حوالي 15 بالمائة فقط من المحتوى العربي على الإنترنت مناسب لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، مقارنةً بأكثر من 50 بالمائة للغة الإنجليزية. وهذا يبرز التحدي الذي تفرضه قواعد اللغة العربية المعقدة وتنوع لهجاتها.
تشير سيما العيديلي، المديرة الإقليمية في Denodo، إلى أنه بدون بنية تحتية محلية، يواجه الذكاء الاصطناعي خطر سوء فهم نية المستخدم وإنتاج نتائج غير ملائمة. وتؤكد على أهمية افتراضية البيانات لتوحيد الوصول والحَوْكمة، خاصة مع حاجة مشاريع رؤية السعودية 2030 لإدارة بيانات فورية ضمن تنظيمات صارمة.
يبرز بدر الباحيان، المدير القطري لشركة VAST Data في السعودية، ضرورة وجود أنظمة “ذات سيادة بتصميمها”—أي إبقاء البيانات الحساسة ضمن الحدود الوطنية وتحت السيطرة المحلية. ويحذر من أن الاعتماد على منصات أجنبية قد يضر بأولويات المملكة وأمنها.
يرى إبراهيم السغَيْر، المدير التنفيذي لشركة Salesforce السعودية، أن العمل الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولاً في قطاعات من الرعاية الصحية إلى الخدمات اللوجستية. لكنه يشدد على أن الرقابة والحوكمة القوية ضرورية للحفاظ على الثقة وضمان خدمة هذه الأدوات للصالح العام.
القاسم المشترك بين هؤلاء الخبراء هو ضرورة أن يؤسس العالم العربي حوكمة ذكاء اصطناعي خاصة به، متجذرة في الواقعين الثقافي والقانوني. ويُعد «علام» اختباراً لقدرة السعودية على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي قوية ومتوافقة مع القيم.
- تعقيد اللغة العربية بالنسبة للذكاء الاصطناعي
- الأهمية الاستراتيجية لـ«علام» كأول نموذج لغوي عربي محلي التطوير
- ضرورة التعامل الصارم مع البيانات بما يتوافق مع رؤية 2030
في النهاية، فإن مستقبل الذكاء الاصطناعي العربي لن يعتمد فقط على التقدم التكنولوجي، بل أيضاً على الاستثمار في البنية التحتية والسيادة والحوكمة الموثوقة. وستحدد خطوات السعودية القادمة ما إذا كانت ستصبح رائدة في ابتكار الذكاء الاصطناعي أو تظل معتمدة على التكنولوجيا الأجنبية.