تتحول المملكة العربية السعودية بسرعة إلى مركز عالمي للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، مدفوعة بتغييرات تنظيمية واسعة ودفع قوي نحو الابتكار. مع سعي المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، يلاحظ الخبراء أن بيئة الأعمال أصبحت أكثر تنافسية وقابلية للتنبؤ.
أشار فراس موسلي، الشريك الإداري في شركة لويد وموسلي، إلى السرعة الكبيرة في تطور القوانين التنظيمية، مؤكدًا التزام الحكومة برؤية 2030 من خلال تقليل العقبات وتشجيع الابتكار التكنولوجي، وفقًا لصحيفة عرب نيوز. ومع ذلك، لا يزال مؤسسو الشركات الناشئة يواجهون تحديات حيث تتعارض القوانين الجديدة أحيانًا مع وتيرة التغير التكنولوجي السريعة.
قدمت هيئات تنظيمية رئيسية مثل البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية بيئات اختبار ورخص متعددة المستويات، مما يسمح للشركات الناشئة بالتجربة مع قيود أقل. أحد التطورات الرئيسية هو تبني الخدمات المصرفية المفتوحة، التي تتطلب من المؤسسات المالية مشاركة البيانات مع شركات التكنولوجيا المالية، مما يعزز المنافسة والشمول.
أشار هشام الفالح، مؤسس شركة Lean Technologies، إلى أن التغييرات التنظيمية الأخيرة – خاصة طرح الخدمات المصرفية المفتوحة وخدمة بدء المدفوعات القادمة – هي نتيجة سنوات من التعاون بين الشركات الناشئة والجهات التنظيمية.
إصلاحات قانون الأعمال وارتفاع الشركات الناشئة
خارج قطاع التكنولوجيا المالية، قامت السعودية بإصلاح قوانين الأعمال لديها، بما في ذلك قانون استثمار جديد يبسّط الإجراءات للمستثمرين الأجانب والمحليين وقانون شركات معدّل يسهّل تأسيس الشركات الناشئة. كان على الشركات تحديث عقود تأسيسها لتتماشى مع المعايير الدولية.
تتزامن هذه الإصلاحات مع زيادة في نشاط الشركات الناشئة. وفقًا لمؤشر النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة، قفزت الرياض 60 مرتبة لتصبح المدينة الـ23 عالميًا من حيث الشركات الناشئة. شهدت تمويلات المشاريع معدل نمو سنوي مركب بنسبة 49 في المئة من 2020 إلى 2024، مع بروز الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما أفاد تقرير Startup Genome.
- تستضيف المملكة الآن أكثر من 200 شركة في مجال التكنولوجيا المالية، مدعومة ببيئات اختبار تنظيمية ومبادرات مثل Fintech Saudi.
- استقطبت شركات ناشئة بارزة مثل Lean Technologies وRasan وTamara استثمارات كبيرة.
- ينمو أيضًا قطاع الأمن السيبراني، حيث تطور الشركات في الرياض حلولًا مدفوعة بالذكاء الاصطناعي للامتثال ومنع الاحتيال.
نمو رأس المال الاستثماري والتحديات التنظيمية
تتصدر السعودية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نشاط رأس المال الاستثماري، حيث جمعت 860 مليون دولار في النصف الأول من العام – بزيادة 116 في المئة على أساس سنوي – وفقًا لـ MAGNiTT. ارتفع عدد صفقات رأس المال الاستثماري بنسبة 31 في المئة، وتم إصدار 550 تسجيل استثمار للشركات الناشئة، أو تراخيص ريادي، بحلول منتصف 2025، مما يعكس نموًا سنويًا بنسبة 118 في المئة.
رغم هذا الزخم، حذر موسلي من أن المتطلبات المعقدة للامتثال يمكن أن تثقل كاهل الشركات الناشئة، مما قد يوجه الموارد بعيدًا عن النمو. يستجيب المنظمون بتبني إشراف قائم على المخاطر، وتكييف الرقابة مع حجم الشركة وتأثيرها.
تعزز التفويضات الجديدة بشأن الإفصاح عن الملكية، ومكافحة غسل الأموال، والتقارير البيئية والاجتماعية والحوكمة أيضًا الشفافية. أفادت هيئة الحكومة الرقمية بأن جاهزية التحول الرقمي تجاوزت 74 في المئة في 2025، مما يعكس الجهود المبذولة لتحويل الخدمات العامة إلى رقمية.