تتجه الشركات الدولية والإقليمية لدخول سوق الخدمات اللوجستية المتنامي بسرعة في المملكة العربية السعودية، مدفوعة باستثمارات غير مسبوقة في البنية التحتية وازدهار التجارة الإلكترونية، وفقًا لما ذكره خبراء الصناعة وتحليلات السوق الأخيرة.
مع اصطفاف قادة الصناعة، تشير التوقعات إلى أن سوق الخدمات اللوجستية في المملكة يمكن أن يتضخم ليصل إلى 36 مليار دولار بحلول عام 2028، مدفوعًا بالتكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء التي تعزز الكفاءة التشغيلية.
من المتوقع أن ترفع الأحداث الكبرى، بما في ذلك إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034، من مكانة قطاع الخدمات اللوجستية، متوقعة زيادة إلى أكثر من 41 مليار دولار بحلول عام 2032، مع تسليط الضوء على كفاءة المملكة في هذا القطاع على المستوى الدولي.
جذبت الإمكانيات غير المستغلة والفرص الاستراتيجية والسياسات الحكومية الداعمة الكيانات العالمية نحو سوق الخدمات اللوجستية في السعودية. يؤكد محمد البشراف، مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نول، الشركة الرائدة في الصناعة المحلية، على الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة كنقطة اتصال بين ثلاث قارات، مما يجعلها جذابة بشكل خاص لقطاع التجارة الإلكترونية المزدهر.
يعزو البشراف الاستثمارات الكبيرة للدولة في تحسين الموانئ والمطارات والطرق لزيادة الاتصال الوطني والكفاءة، مما يجذب المزيد من الاهتمام الدولي. تركز نول بشكل رئيسي على تقديم حلول التخزين ضمن إطار الخدمات اللوجستية.
يسلط الضوء على البنية التحتية الحديثة في المملكة والبيئة التجارية المواتية كعوامل رئيسية في جذب الشركات اللوجستية الكبرى. يتوقع البشراف توجهًا نحو الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمشاريع التعاونية في السنوات 2-4 القادمة، بهدف تعزيز البنية التحتية والكفاءة التشغيلية.
تزايد متوقع في طلب الخدمات اللوجستية للتجزئة
وفقًا لأبحاث شركة الاستشارات العالمية ريدسير، من المتوقع أن يصبح الطلب على الخدمات اللوجستية للتجزئة عاملاً محوريًا مع توقع نمو سوق التجزئة عبر الإنترنت في السعودية بمعدل ثلاث مرات مقارنة بنظيرتها غير المتصلة بالإنترنت.
تتوقع ريدسير أن النمو الهائل في مجال الخدمات اللوجستية يعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع سوق التجزئة، الذي من المتوقع أن يتوسع من 137.30 مليار دولار هذا العام إلى 176 مليار دولار بحلول عام 2028.
تتوقع الشركة الاستشارية معدل نمو سنوي يبلغ 7 في المئة للصناعة، مدفوعًا بتحسينات البنية التحتية اللوجستية وزيادة الطلب على التجزئة.
تشكل الخدمات اللوجستية للتجزئة 34 في المئة من إجمالي الطلب على الخدمات اللوجستية، وتخدمها مجموعة متنوعة من نماذج الأعمال عبر المراحل الأولى والوسطى والأخيرة من سلسلة التوريد.
يعتقد سانديب غانيديوالا، الشريك في ريدسير للاستشارات الاستراتيجية، أن سوق الخدمات اللوجستية للتجزئة سيشهد نموًا كبيرًا، مدعومًا بقطاع التجزئة الاستهلاكية المتوسع بسرعة. يشدد على الأهمية الكبيرة لجزء “الميل الأخير” في نظام الخدمات اللوجستية عبر الإنترنت، وهو جزء غائب في الخدمات اللوجستية غير المتصلة بالإنترنت.
يشير غانيديوالا إلى ظهور شركات ناشئة مثل سلاسة وسرداب ونول وريدبوكس، التي تلبي احتياجات السوق اللوجستية عبر الإنترنت من خلال نماذج أعمال مبتكرة.
الكفاءات المحسنة ترفع مكانة السعودية في مجال الخدمات اللوجستية عالميًا
دفعت الكفاءات المحسنة في قطاع الخدمات اللوجستية، بفضل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية وازدهار صناعة التجزئة، المملكة العربية السعودية إلى الصعود 17 مركزًا في مؤشر الأداء اللوجستي العالمي، لتصل إلى المركز 34 في عام 2022، بعد أن كانت في المركز 55 في عام 2018.
يعزو البشراف هذا القفزة إلى المبادرات الوطنية الرئيسية مثل “رؤية 2030” و”استراتيجية الصناعة الوطنية”، التي تركز على تنويع الاقتصاد وتحديث القدرات اللوجستية. كما يعزو الاستثمارات الكبيرة في الموانئ والمطارات والطرق، بالإضافة إلى ازدهار التجارة الإلكترونية.
يشير البشراف إلى أن التقدم التكنولوجي الذي يتضمن الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والأتمتة يعمل على تبسيط العمليات اللوجستية، مما يعزز الكفاءة والتنافسية داخل القطاع.
يختتم بالقول إن الشركات اللوجستية المحلية، مثل نول، تلعب دورًا كبيرًا في نمو القطاع، مشددًا على أن الاستثمار المستمر والتوسع سيعزز مكانتها في تشكيل مستقبل الخدمات اللوجستية للتجزئة في السعودية، مما سيساهم بدوره في تنويع وازدهار الاقتصاد الوطني.