تمضي الصين والمملكة العربية السعودية قدمًا في استراتيجيات طموحة تهدف إلى إعادة تشكيل اقتصاداتهم من خلال الاستدامة والابتكار التكنولوجي. تركز الصين على بناء اقتصاد أخضر منخفض الكربون بحلول عام 2035، بينما تسعى رؤية السعودية 2030 إلى تنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على النفط، لتصبح مركزًا للابتكار والتصنيع المتقدم.
تتزايد مواءمة هذه الأجندات الوطنية، حيث تكتسب المركبات الكهربائية الصينية زخماً في السعودية ويستثمر كلا البلدين بشكل كبير في الطاقة النظيفة والتكنولوجيا. وقد أدى تعاونهما إلى اتفاقيات كبيرة، بما في ذلك أكثر من 30 مليار دولار من الصفقات الموقعة خلال زيارة الرئيس شي جين بينغ الرسمية إلى الرياض في عام 2022، وفقًا للمصادر الرسمية. في ذلك العام، ارتفع حجم التجارة الثنائية بأكثر من 33 في المئة ليصل إلى 116 مليار دولار. وقد شهد مؤتمر الاستثمار الصيني السعودي في بكين في ديسمبر 2023 المزيد من الزخم، حيث تم توقيع أكثر من 60 مذكرة تفاهم تجاوزت قيمتها 25 مليار دولار، وفقًا لوكالة أسوشيتد برس.
تعمل الشراكات المؤسسية على تعزيز هذه الروابط، حيث دخل صندوق الاستثمارات العامة السعودي مؤخرًا في اتفاقيات بقيمة 50 مليار دولار مع مؤسسات مالية صينية رائدة. يمتد هذا التعاون المتنامي عبر قطاعات مثل البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والتصنيع المتقدم، ويتجلى ذلك في مشاريع مثل نيوم وأوكساجون.
الطاقة المتجددة والتعاون التكنولوجي
تستفيد السعودية من مواردها الطبيعية لتصبح رائدة في مجال الطاقة المتجددة، مستهدفة الاستخدام واسع النطاق للطاقة الشمسية وطاقة الرياح. مبادرة رئيسية هي شركة نيوم للهيدروجين الأخضر، وهي مشروع مشترك يهدف إلى بناء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم يعمل بطاقة 4 جيجاوات من الطاقة المتجددة، ومن المتوقع أن ينتج الأمونيا الخضراء بحلول عام 2027 في أوكساجون، وفقًا لبيانات الشركة.
تتوافق خبرة الصين في إنتاج الألواح الشمسية وتكنولوجيا الهيدروجين مع طموحات السعودية. تشمل الاستثمارات البارزة عقدًا بقيمة 972 مليون دولار من قبل مجموعة الصين للطاقة الهندسية لمشروع حديقة شمسية بقوة 2 جيجاوات، وصفقات كبيرة من قبل JinkoSolar وTCL Zhonghuan لدعم تصنيع الألواح الشمسية المحلية.
أوكساجون: نموذج للمدن الصناعية المستدامة
تبرز أوكساجون كنموذج لهذا التعاون، حيث تم تصميمها كمدينة صناعية متطورة تدمج التقنيات المتقدمة والممارسات المستدامة من البداية. وقد جلب تعاونها مع شركة شنغهاي زينهوا للصناعات الثقيلة المحدودة (ZPMC) الأتمتة المتقدمة إلى ميناء نيوم، بما في ذلك تسليم أول رافعات آلية بالكامل يتم التحكم فيها عن بُعد في السعودية. من المتوقع أن يصبح هذا المرفق مركزًا لوجستيًا عالميًا، مع التركيز على الاستدامة والكفاءة والتقدم التكنولوجي.
لا تقتصر هذه المبادرات على خلق وظائف ذات قيمة عالية فحسب، بل إنها تدفع أيضًا بتنويع الاقتصاد بما يتماشى مع رؤية 2030. ومع تعميق التعاون بين السعودية والصين، تُظهر مشاريع مثل أوكساجون وميناء نيوم كيف يمكن للشراكات الثنائية أن تضع معايير جديدة لـالابتكار والمسؤولية البيئية في القطاع الصناعي.
باختصار، فإن التحالف المتنامي بين السعودية والصين يشكل حقبة جديدة من التنمية الصناعية، مرتكزة على الأهداف المشتركة لـالنمو النظيف، والتقدم التكنولوجي، والتأثير المستدام.