دفع السعودية لجذب المواهب الدولية
تظهر المملكة العربية السعودية بسرعة كمغناطيس للمواهب الدولية، مع التركيز على قطاعات مثل التكنولوجيا، والمالية، والتصنيع. ويعد برنامج الإقامة المميزة، الذي يُطلق عليه غالباً البطاقة الخضراء السعودية، محوراً أساسياً في هذه الاستراتيجية، حيث يهدف إلى جذب المهنيين المهرة، ورواد الأعمال، والمستثمرين من خلال منحهم إقامة طويلة الأمد وامتيازات مماثلة لتلك التي يتمتع بها المواطنون السعوديون. ووفقاً لصحيفة عرب نيوز، انضم أكثر من 2600 عامل في مجال الرعاية الصحية إلى البرنامج في أكتوبر، ما يعكس نهج المملكة الاستباقي في استقطاب الخبرات العالمية.
يتيح برنامج الإقامة المميزة، الذي أُطلق في 2021، للوافدين فرص تملك العقارات، وتأسيس الأعمال، والوصول إلى الخدمات العامة. ويشير خبراء مثل ريمون خوري، شريك وقائد قطاع القطاع العام في شركة آرثر دي. ليتل، الشرق الأوسط، إلى أن مثل هذه الإجراءات تجعل السعودية أكثر جاذبية للمهنيين الباحثين عن الاستقرار وآفاق مهنية طويلة المدى. ويساعد هذا النهج في دعم النمو السكاني المتوقع أن يصل إلى 55 مليون نسمة بحلول 2030، كما يساهم في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، خاصة في مجالات الرعاية الصحية، والتكنولوجيا، والسياحة، والطاقة المتجددة.
المنافسة الإقليمية وتوافق الرؤية 2030
تواجه السعودية منافسة إقليمية من جيرانها مثل الإمارات وقطر، الذين لديهم برامج مماثلة لجذب المواهب. ويشير أبهيشيك شارما، شريك في قطاع المؤسسات الحكومية والعامة في أوليفر وايمان للهند والشرق الأوسط وأفريقيا، إلى أن برنامج الإقامة المميزة يغير تجربة الوافدين من خلال السماح للعمالة الماهرة بالعيش والعمل دون الحاجة إلى كفيل. ويعزز هذا التحول من التنقل في القطاعات الرئيسية، وبالأخص قطاع التكنولوجيا، ويتماشى مع هدف رؤية 2030 في جعل السعودية رائدة في مجال الابتكار.
ويؤكد ممدوح الدوبيان، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة جلوبانت، على أهمية تحقيق التوازن بين الخبرات الدولية وتطوير المواهب المحلية. إذ إن دمج الكفاءات العالمية مع السعوديين يسرع التحول الرقمي ويبني في الوقت نفسه قوة عاملة وطنية مستدامة.
التأثير على القطاعات الرئيسية ونقل المعرفة
يعد تدفق المواهب الدولية أمراً حيوياً لدفع طموحات السعودية في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والسياحة، والطاقة المتجددة، وجميعها محورية لأهداف رؤية 2030. ويبرز الخبراء الحاجة إلى نقل المعرفة، والشراكات العالمية، والتعرف على أفضل الممارسات الدولية لدعم المشاريع الضخمة مثل القدية ومشروع البحر الأحمر، اللذين يهدفان معاً إلى جذب ما يصل إلى 70 مليون زائر سنوياً بحلول 2030.
ويعد تطوير اقتصاد قائم على المعرفة أولوية رئيسية. ووفقاً لشارما، فإن رأس المال البشري هو الذي سيقود النمو الاقتصادي، حيث يعزز المهنيون المهرة الابتكار والتنافسية. ويضيف الدوبيان أن الجمع بين الخبرات العالمية والقدرات المحلية يخلق بيئة يمكن فيها للمواهب الدولية والمحلية أن تزدهر، مما يدعم التحول الاقتصادي طويل الأمد.
الرؤية المستقبلية والمبادرات الاستراتيجية
يتطلع السعوديون إلى تعزيز سياسات الهجرة وتوسيع برامج مثل البطاقة الخضراء السعودية لجذب المهنيين في القطاعات سريعة النمو مثل الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الحيوية، والتكنولوجيا المالية. وتُجرى استثمارات في التعليم، والبحث، ومراكز الابتكار، مع دعم حكومي لكل من الشركات الناشئة المحلية والدولية من خلال الحاضنات ورأس المال الجريء.
وفي النهاية، يُنظر إلى جذب واستبقاء أفضل المواهب على أنه أمر أساسي لطموحات السعودية في أن تصبح رائدة عالمياً في مجال التكنولوجيا والابتكار. ويتفق الخبراء على أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في الاستقطاب، بل في خلق بيئة يختار فيها المهنيون المهرة البقاء والتطور والمساهمة في اقتصاد المملكة المتطور.