تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحقيق تحول اقتصادي وتحسين مجتمعي من خلال التوافق مع مبادئ الثورة الصناعية الرابعة، حيث بدأت بإطلاق خطة رؤية 2030 في 25 أبريل 2016. تم تصميم هذه الخطة، التي تضم برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP)، لتحفيز القطاعات المحلية عالية النمو وجذب رأس المال الأجنبي، مع دمج التقنيات المتقدمة عبر مختلف الصناعات.
أوضح هارش كومار، كبير مسؤولي الاستراتيجية والمؤسس المشارك لشركة Shipsy، أن المملكة العربية السعودية تستعد استراتيجياً لتصبح مركزاً محورياً للصناعة 4.0، مستفيدة من وفرة الطاقة والمزايا الجغرافية لتأسيس أنظمة سلسلة توريد متطورة.
استثمار المملكة في التكنولوجيا وتعزيز جو من الابتكار يضع الأساس لاقتصاد قائم على المعرفة مستعد لمواجهة تحديات وفرص العصر الرقمي. المملكة العربية السعودية، كونها جزءاً من مجموعة العشرين، تزرع بيئة أعمال تقدمية تعزز ريادة الأعمال والتقدم التكنولوجي.
تلعب مراكز الابتكار، ومسرعات الشركات الناشئة، والكيانات البحثية مثل شركة رأس المال الجريء السعودي، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية دوراً محورياً في تطوير التقنيات المتقدمة.
من خلال تشجيع ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، تجهز المملكة العربية السعودية سكانها للاستفادة من فوائد الثورة الصناعية الرابعة والمساهمة في الازدهار الوطني. يؤكد كومار على إمكانية المملكة في تبني تقنيات التصنيع وسلسلة التوريد المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، وإنترنت الأشياء، والروبوتات، لزيادة الكفاءة وتلبية الطلب المتزايد.
إطار سياسة داعم، واستثمار في التعليم، وشراكات مع عمالقة التكنولوجيا العالمية هي أمور حاسمة،
يقترح كومار، مؤكداً أن التعاون الدولي هو المفتاح لاستيراد أفضل الممارسات وتخصيص الحلول المبتكرة التي يمكن أن تجعل المملكة العربية السعودية رائدة في التميز التكنولوجي وسلسلة التوريد.
وفقاً لشركة إريكسون، تتمتع المملكة العربية السعودية بنسبة اختراق إنترنت تبلغ 98 في المئة بين سكانها. هذه الجاهزية الرقمية تدفع البلاد نحو مبادرات تحويلية مثل هيئة الحكومة الرقمية ورؤية 2030، التي تعد بإحياء مشاريع المدن الذكية، والرعاية الصحية الرقمية، وترقيات البنية التحتية، وتقنيات سلسلة التوريد الذاتية.
يتوقع كومار أنه بحلول عام 2025، من المتوقع أن يتجاوز قطاع التجارة الإلكترونية 13 مليار دولار، مما يقدم فرصاً واسعة لتحسين عمليات المستودعات والتسليم باستخدام الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن مبادرة الحكومة لتعزيز المهارات الرقمية لـ 100,000 طالب بحلول عام 2030 تشير إلى التزامها بالتعليم والتقدم التكنولوجي.
ضمن المشهد الصناعي السعودي، تعد شبكات سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية القوية أمراً أساسياً عبر مختلف القطاعات. يوضح كومار أن الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة مرتبط مباشرة بكفاءة سلسلة التوريد، ومن المتوقع أن يؤدي تبني تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة، وإنترنت الأشياء، والأتمتة، والتحليلات، والذكاء التنبؤي، والبلوك تشين إلى تقليل التكاليف، وتعزيز الاستدامة، وتحسين خدمة العملاء، وزيادة القدرة التنافسية العالمية.
يكشف الإصدار الثاني من تقرير الآلات والمعدات العالمي 2024 من شركة Bain & Co. عن فرص كبيرة لتحسين الإنتاجية لمصنعي الآلات والمعدات من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، ومنهجيات التصنيع الرشيقة، والتقدم الرقمي، وابتكارات الاستدامة. يرى العديد من التنفيذيين في الصناعة أن تبني الذكاء الاصطناعي حاجة ملحة، حيث يعتبره 75 في المئة منهم أولوية قصوى.
بالنظر إلى المستقبل، يعتقد كومار أن القطاع الصناعي في المملكة سيتطور من خلال الرقمنة والأتمتة لعمليات سلسلة التوريد، مما يعزز الكفاءة ويحفز الابتكار. ويحدد تطوير المصانع الذكية، ونمو التجارة الإلكترونية، وتعزيز تكامل البيانات، والقدرة التنافسية العالمية كفرص رئيسية.
مع كون 87 في المئة من برامج رؤية 2030 إما على المسار الصحيح أو مكتملة، فإن التزام المملكة بهذه الرؤية واضح. شهدت المملكة العديد من النجاحات في سعيها لدمج الابتكار وريادة الأعمال وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مع مشاريع بارزة مثل نيوم، سير، برنامج الجينوم السعودي، ومحطة تحلية المياه في الخفجي تقود الطريق.
أخيراً، أكد جراح الجراح، المتحدث باسم وزارة الصناعة والثروة المعدنية، أن القطاع الصناعي هو حجر الزاوية في الاقتصاد المزدهر. تهدف رؤية 2030 إلى زيادة الصادرات غير النفطية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحفيز الابتكار، وتوفير فرص عمل عالية الجودة. وأوضح الجراح عدة استراتيجيات وخطط طريق، مثل الاستراتيجية الصناعية الوطنية التي تم إطلاقها في عام 2022، لتسريع التنمية الصناعية وبناء اقتصاد صناعي قوي ومستدام.