يشهد قطاع البناء في المملكة العربية السعودية نمواً سريعاً، مدفوعاً بمشاريع ضخمة وإصلاحات اقتصادية تهدف إلى تعزيز المرونة على المدى الطويل. ووفقاً للتوقعات الرسمية، من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 1.5 بالمئة في عام 2024 إلى 4.6 بالمئة في عام 2025، مما يعكس جهود التنويع المستمرة والسعي لتصبح واحدة من أكبر 15 اقتصاداً في العالم بحلول عام 2030.
تدفع مشاريع ضخمة مثل نيوم، مشروع البحر الأحمر، روشن، و القدية الصناعة إلى الأمام. ومع ذلك، فإن هذا النمو يخلق طلباً كبيراً على المواد والعمالة الماهرة، ما يشكل تحديات مع انتقال المشاريع إلى مرحلة التنفيذ.
ولمواجهة هذه الضغوط، يتبنى القطاع الأساليب الحديثة للبناء (MMC) التي تُسهم في تسريع عمليات البناء وتقليل الأثر البيئي. وقد أطلقت وزارة الشؤون البلدية والقروية مبادرة البناء الحديث لدعم الاستثمار في التقنيات المتقدمة وتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية. وتشير الدراسات إلى أن الأساليب الحديثة يمكن أن تقلل من نفايات البناء بنسبة تصل إلى 90 بالمئة بفضل التصنيع الدقيق وزيادة إعادة التدوير.
يُعد تطوير القوى العاملة محوراً أساسياً آخر. فقد حدثت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برنامج نطاقات في عام 2024، ضمن مبادرة التوطين، بهدف زيادة توظيف المواطنين السعوديين. كما تستثمر الشركات الخاصة في التدريب لتحقيق هدف توطين بنسبة 25% في وظائف الهندسة، مما يعزز الكفاءات الوطنية ويقلل الاعتماد على العمالة الوافدة.
تجري استثمارات ضخمة في البنية التحتية، حيث تم تخصيص ما يقارب تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030 لتطوير الطرق، والطيران، والموانئ، وشبكات السكك الحديدية، وفقاً للمصادر الرسمية. كما أن إصلاحات الحوكمة مثل تسريع إجراءات الجمارك التي أدخلتها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية تسهم في تحسين كفاءة سلاسل الإمداد وخلق بيئة أكثر ملاءمة للأعمال.
تعد الشراكات الاستراتيجية ضرورية لتعزيز القدرات. فالتعاونات الدولية، مثل تلك التي تم تسليط الضوء عليها خلال فعالية “ديسكفر نيوم الصين” في أبريل 2024، تجلب الخبرات العالمية إلى المشاريع السعودية. كما يدعم صندوق الاستثمارات العامة القطاع باستثمار 1.3 مليار دولار أمريكي في شركات البناء المحلية الرائدة، بهدف تعزيز أسس الصناعة.
وباختصار، إن تركيز المملكة العربية السعودية على الاستدامة، والأساليب الحديثة للبناء، وتطوير الكفاءات، والشراكات الاستراتيجية يضع قطاع البناء على طريق النجاح المستدام. وتعد هذه الجهود ضرورية لتحقيق أهداف رؤية 2030 وضمان مستقبل مزدهر للمملكة.