استعدادات المملكة العربية السعودية لكأس العالم لكرة القدم 2034 تتجاوز مجرد استضافة حدث رياضي ضخم. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة رولاند بيرجر، تستخدم المملكة هذا الحدث كحافز لإعادة هيكلة البنية التحتية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، بهدف ترسيخ مكانتها كـ رائدة إقليمية في الخدمات اللوجستية.
مع توقع استقبال أكثر من مليون زائر دولي وقاعدة سفر محلية متنامية، تسرّع السعودية من توسعة المطارات، وخطوط المترو، وخدمات النقل الترددي، وروابط السكك الحديدية الجديدة — وكل ذلك ضمن إطار زمني مدته تسع سنوات. تم تصميم هذه المشاريع ليس فقط من أجل كأس العالم، بل أيضًا لدعم رؤية 2030 التي تركز على تنويع الاقتصاد، والسياحة، وسلاسل الإمداد الحديثة.
تُطوَّر مدن رئيسية مثل الرياض وجدة ونيوم وأبها كمراكز نقل وخدمات لوجستية طويلة الأمد. تهدف مبادرات مثل تمديد مترو الرياض إلى القدية ومشاريع القطارات عالية السرعة إلى تلبية احتياجات الحدث الفورية وأهداف المملكة المستقبلية في مجال التنقل.
تستند استراتيجية السعودية إلى دروس من أحداث عالمية سابقة، حيث تدمج بين أنظمة الطيران والسكك الحديدية والمترو والنقل الترددي لتحقيق تنقل سلس. ستربط شركات الطيران منخفضة التكلفة المدن المستضيفة، بينما ستنقل شبكات السكك الحديدية والمترو الموسعة المشجعين والبضائع بكفاءة. وستعمل البنية التحتية الداعمة مثل أنظمة “اركن وسافر” وإدارة المرور المتقدمة على تحسين الوصول إلى الوجهات النهائية.
تتوقع المملكة أن تُحدث هذه الاستثمارات تحولاً في حركة البضائع بعد كأس العالم. فالمطارات الموسعة ستعزز من القدرة الاستيعابية للشحن، وامتدادات المترو ستدعم عمليات التوصيل داخل المدن. وستعود أنظمة التحكم المروري المحسنة والمنصات الرقمية للتنقل بالفائدة على مقدمي الخدمات اللوجستية، مما يجعل سلاسل الإمداد أسرع وأكثر موثوقية.
لن تقتصر ممرات القطارات عالية السرعة بين الرياض وجدة ونيوم على نقل الزوار فحسب، بل ستسهل أيضًا حركة البضائع بسرعة، مما يقلل الاعتماد على النقل البري ويخفض التكاليف والانبعاثات. كما ستعمل مراكز الخدمات اللوجستية المتكاملة وقرى الشحن على تبسيط العمليات التجارية في جميع أنحاء المنطقة.
تتوافق هذه التطورات مع استراتيجيات وطنية مثل الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية وإنشاء مناطق لوجستية متكاملة خاصة. وتهدف السعودية إلى أن تصبح واحدة من أكبر عشرة مراكز لوجستية في العالم بحلول عام 2030. وبينما قد ينصب التركيز على الملاعب، فإن الإرث الحقيقي سيكون في البنية التحتية التي تربط بينها.
بالنسبة لشركات الخدمات اللوجستية ومزودي التكنولوجيا والمستثمرين، يمثل كأس العالم فرصة فريدة للمشاركة في تحول البنية التحتية في المملكة. وستكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص والابتكارات في التنقل المشترك، والخدمات اللوجستية للمرحلة الأخيرة، والمركبات الكهربائية، وأنظمة التذاكر الذكية أساسية لتحقيق خطط المملكة الطموحة.